معاني التقليم:
ا- التقليم لغة:
هو تفعيل من القلم وهو القطع ، وكل ما قطعت منه شيئا بعد شيء فقد قلمته، من ذلك القلم الذي يكتب به وإنما سمي قلما لأنه قلم مرة بعد مرة. ومن هذا قيل قلمت أظفاري، وقلمت الشيء: بريته، وتقلم الظفر والحافر والعود يقلمه قلما وقلمه : قطعه بالقلمين ، واسم ما قطع منه القلادة.
الليث: القلم قطع الظفر بالقلمين.
قال الجوهري قلمت ظفري وقلمت أظافري: شدد للكثرة .
2- تقليم الأظفار شرعا:
إزالة ما يزيد على ما يلابس رأس الإصبع من الظافر، ويستحب الاستقصاء في إزالة الأظفار إلى حد لا يدخل منه الضرر على الإصبع .
التقليم اصطلاحا ؟
إزالة ما يزيد عن الشيء ليكون صالحا لأداء مهمته ومناسبا للاستعمال. فالقلم يقطع مرة بعد مرة أي (يقلم) ليظل صالحا ومناسبا للكتابة به والشجر- كذلك- يقلم بإزالة ما ضعف من فروعه وأوراقه، ليظل مورقا، قوي الأغصان، مثمرا.
والظفر كذلك ، يقلم بقص ما يزيد منه على ما يلابس رأس الإصبع، ليظل محافظا على حيويته وسلامته، مؤديا لمهمته.
أولا
تقليم الأظفار من سنن الفطرة
لقد روي عن النبي صلوات الله وسلامه عليه، الأحاديث الصحيحة عن سنن الفطرة ومنها (سنة تقليم الأظفار). وقد وردت هذه السنة في كتب الحديث الصحيحة لأئمة الحديث (البخاري- ومسلم- ومالك- والترمذي- وأبو داود هـ النسائي.. رضي الله عنهم) وجاءت في مواضع متعددة منها: في صفة النبي r، في الطهارة، في الأدب، في الزينة، في اللباس...
باب خصال الفطرة ، باب ما جاء في السنة في الفطرة ، باب ما جاء في تقليم الأظفار. باب ق
النبي r، قال: (الفطرة خمسة، أو خمس من الفطرة . الختان، والاستحداد، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وقص الشارب) متفق عليه .
الاستحداد:- حلق العانة، وهو حلق الشعر الذي حول الفرج .
2- عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله r : عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء ، قال الراوي. ونسبت العاشرة إلا أن تكون المضمضة، قال وكيع- وهو أحد رواته: انتقاص الماء يعني الاستنجاء.
رواه مسلم .
(البراجم) بالباء الموحدة والجيم وهي عقد الأصابع.
3- عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال: سمعت رسول الله r يقول: (الفطرة خمس: الختان، والاستحداد ، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط).
وفي رواية: الفطرة خمس- أو خمس من الفطرة.. وذكر نحوه. أخرجه الجماعة .
4- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله r قال: " من الفطرة حلق العانة وتقليم الأظفار وقص الشارب " أخرجه البخاري. وفي رواية النسائي قال : " الفطرة قص الأظافر، وأخذ الشارب، وحلق العانة" .
ثانيا
في تقليم الأظافر
1- عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال. " وقت لنا- وفي رواية، قال: وقت لنا رسول الله r- في قص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة. أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة ". أخرجه أبو داود والترمذي ومسلم والنسائي. وقال أبو داود: " وقت لنا " أصح. وقال النسائي: وأكثر من أربعين يوما "، وقال مرة " أربعين ليلة" .
2- في صحيح مسام عن أنس قال : " وقت لنا النبي r في قص الشارب وتقليم الأظفار، ألا نترك أكثر من أربعين يوما وليلة " .
3- وقال النبي r " من قلم أظفاره يوم الجمعة وقى من السوء إلى مثلها " رواه الطبراني في الأوسط عن عائشة رضي الله عنها .
ثالثا
الموانع الشرعية لإطالة الأظفار
قد تكون (إطالة الأظفار) إهمالا وجهلا، وهذه خصلة منفرة وغير مقبولة لدى المجتمعات المتحضرة لاتساخ الأظافر وقبح شكلها .
وهنا على الجانب الآخر (إطالة الأظفار) تأنقا وتجملا، وزينة، باسم التمدن (والموضة) وقد انتشرت هذه الخصلة السيئة في العالم، وانتقلت إلى العالم الإسلامي رغم مخالفتها للآداب الإسلامية وسنن الفطرة كما وردت بالسنة النبوية الشريفة وابتلى بها نساء المسلمين بصفة خاصة. وأصبح العالم- الآن- ينفق المبالغ الضخمة على (إطالة الأظفار) وتجميل هذه الزوائد المخلبية، والمحافظة عليها كما أصبح لهذه البدعة السيئة- المنافية لتعاليم الإسلام- من يهتم بها ويحرص عليها من المتخصصين والخبراء، وأصحاب الحرف، وشركات إنتاج المستحضرات، ومحلات بيع هذه المستحضرات، والكل مسخر للعناية بهذه المخالب البشرية تلبية لرغبات من يتزينون بها، وذلك وفق مخططات شيطانية عالمية لاستدراج البشرية إلى مهاوي الرذيلة ومواطن الفساد في كل أمور الحياة.
وحديث إن (إطالة الأظافر) عمدا والتزين بهذه الزوائد المخلبية يعتبر عملا منافيا لتعاليم الإسلام، فمن الواجب على المسلمين أن يتجنبوا تلك البدعة السيئة وإلا فإنهم يرتكبون عملا مخالفا لشريعة الإسلام، كما أن كل من يتكسب من طريق هذه البدعة السيئة- يكون متكسبا من عمل لا يقره الإسلام، وعليه أن يترك هذا العمل ويتكسب من طريق آخر لا يتعارض مع تعاليم الإسلام، ليكون مكسبه حلالا.
ونذكر المخالفات والموانع الشرعية المتعلقة بإطالة الأظافر فيما يلي:
1- تتعارض بدعة (إطالة الأظافر) مع سنن الفطرة التي جاءت بها الأحاديث النبوية وهي بالتالي تتعارض مع هدي النبي r ، والمسلمون مطالبون باتباع كل ما جاء به النبي r، واجتناب كل ما نهى عنه.
2- (الأظفار الطويلة) قد تكون سببا في تعذر وصول الماء إلى مقدم الأصابع ، كما أن المستحضرات التي تدهن بها الأظافر بقصد تجميل (الزوائد المخلبية) تترك طبقة ذات سمك على الأظافر، وتحول بينها وبين ماء الوضوء، ويترتب على ذلك في كلا الحالين عدم إسباغ الوضوء ، أو عدم حسنه ، مما يتطلب إعادة الوضوء مرة أخرى ، وإزالة (الدهانات) قبل الوضوء.
وهناك فتاوى بعدم صحة الوضوء في حالة وجود مواد التجميل ذات السمك والتي تسمى (مونيكير) على الأظافر، ووجوب إزالتها من على الأظافر قبل الوضوء ليصح الوضوء وتصح الصلاة، ومن هذا نرى أن الأظافر الطويلة قد تكون سببا في عدم صحة الوضوء .
3- الأضرار المترتبة على طول الأظافر- والتي سنذكرها بمشيئة الله- في مبحث الدراسات الطبية- تجعل هذه البدعة تتعارض مع شريعة الإسلام- القي جاءت تحافظ على حياة الإنسان وصحته وسلامته ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة في ) " سورة البقرة/ 195 " "لا ضرر ولا ضرار ".
4- " إطالة الأظافر " تشبه ومحاكاة لأهل الكفر والفساد ، في عمل يتعارض مع الهدي النبوي ، ولا يخفى على أي مسلم أن التشبه بأعداء الإسلام في تقاليدهم ولباسهم ومناسباتهم عمل يتعارض مع شريعة الإسلام، وهو منهي عنه خاصة إذا كان التشبه من باب الاستحسان والتقدير في أمور تتعارض مع تعاليم الإسلام.
5- التغريب Westernization: وهو اصطلاح يقصد به " طبع المسلمين بطابع الحضارة الغربية وإزالة الحواجز الناشئة عن الاختلاف في الدين واللغة وفي التقاليد والعادات " وذلك لسهولة التأثير والسيطرة عليهم، وإبعادهم عن دين الإسلام ، ولقد اجتاحت (دعوة التغريب) العالم الإسلامي في عهود الانحطاط بعد أن وضع أعداء الإسلام (مخططات التغريب) وقام أعداؤهم من خارج العالم الإسلامي ومن داخله بتنفيذ تلك المخططات التي أخذت أشكالا معددة الجوانب وأساليب متنوعة لكل دعاتها والمنفذين لها، والواقعين في شركها: فالذوق والأناقة، وآداب التعامل (الإتيكيت).. من وسائل التغريب وأكثرها قبولا وشيوعا في العالم المعاصر، (وإطالة الأظافر) واحد من أساليب التغريب، تسلل إلى المجتمعات الإسلامية النسوية تحت ستار (مقاييس جمال المرأة ودخل من باب التجميل وما يتصل به من الأدوات والأساليب والبواعث والمناسبات- الخ، وفي الاتجاه نحو التغريب. لا يتعارض مع تعاليم الإسلام انسلاخ عن هذا الدين المتكامل وخروج عن طاعة الله سبحانه وتعالى، وهدي ، رسوله صلوات الله وسلامه عليه.
6- (إطالة الأظافر التجميلي) الذي ابتدعه غير المسلمين، ويقومون بالتحكم فيه وتغييره من وقت لآخر باسم (الموضة) يكلف المرأة الكثير من المال والاهتمام والوقت والجهد، ويكفي أن نعلم أن تجميل تلك (الزوائد المخلبية) يمر بعدة مراحل ويقوم به حرفيون متخصصون، حرفتهم تجميل الأظافر الطويلة، كما أن هذا التجميل بالذوق غير الإسلامي يحتاج إلى العديد من المستحضرات، تشتريها المرأة وتقتنيها بصفة دائمة، وتفرد لها نفقات خاصة ضمن ما تشتريه من مستحضرات التجميل الأخرى ذات الأذواق الغربية والاتجاهات غير الإسلامية والتي تكلفها الكثير من المال .
وكل ما تنفقه المرأة لتجميل الأظفار الطويلة والعناية بها يوجه إلى غير الوجهة الإسلامية المشروعة، فضلا عن الإسراف والتبذير، وكلها تصرفات يحذر منها الإسلام وينهى عنها.
7- إطالة الأظافر ، فضلا عن كونه تباعدا عن الطبيعة الإنسانية وعن سنن الفطرة ( فطرة الله التي فطر الناس عليها) فإنه نزوع إلى الطبيعة الحيوانية وتشبه بالحيوانات ذات المخالب ، ولا غرابة في هذا التشبه من جانب غير المسلمين وقد اعتنقوا بفكرهم الإلحادي وعملهم المادي ما يسمى (بالدارونية) أو (التطور) وحسبوا الإنسان من سلالة حيوانية، تلي (القردة) في سلم التطور الحيواني ، كما أن الثدييات التي تحمل الأظفار والمخالب تضمها مجموعة واحدة لا فرق في ذلك بين الإنسان والحيوان ، وهذا التشبه الحيواني بإطالة الأظفار لتصبح كالمخلب عمل لا يقبله الذوق الإسلامي الذي تحكمه شريعة الإسلام وما بها من نظرات التكريم إلى بني الإنسان، باعتباره خليفة الله في الأرض . كرمه الله وأحسن خلقه.
ويطيب، لنا بعد هذا العرض المادي " للموانع الشرعية في إطالة الأظفار " أن نختمه بالقول الفصل من السنة النبوية الشريفة : أنكر رسول الله r على بعض الصحابة إطالة أظفارهم.
فقد أخرج البيهقي في " الشعب " من طريق قيس بن أبي حازم قال. " صلى رسول الله r صلاة فأوهم فيها، فسئل فقال: مالي لا أوهم ورفع أحدكم بين ظفره وأنملته " ومعناه أنكم لا تقلمون أظفاركم ثم تحكون بها أرفاغكم فيتعلق بها ما في الأرفاغ من الأوساخ المجتمعة. قال أبو عبيد: أنكر عليهم طول الأظفار وترك قصها .
رابعا
التزين بتقليم الأظفار والنظرة الإسلامية الجمالية
التعرف على (سنة تقليم الأظفار) من خلال التزين والنظرة الجمالية الإسلامية أمر لابد منه. والإسلام دين شامل ومتكامل ومتجانس لهذا نجد أدى: اللباس، والزينة والجمال الحسن، وستر العورة، والطهارة، والمغايرة بين الرجولة والأنوثة، والمحافظة على الصحة، وعدم الإسراف ، كلها مطالب إسلامية، يرتبط بعضها ببعض في منهج إسلامي واقعي وعملي ، يستمد أصوله من كتاب الله وسنة الرسول r، وذلك في إطار الشريعة الإسلامية.
(وجمال الأظفار) بتقليمها ، يأخذ موقعه بين هذه المطالب الإسلامية ولا يخرجه عنها: اتباع الهوى ، ودوافع النفس، ونزغات الشيطان، وغواية بني الإنسان، ومادام الإسلام قد جاء بنظرة شمولية متكاملة لمطالب الإنسان في دنياه وآخرته ، ومادام التزين والجمال والحسن كمطالب إنسانية تدخل ضمن هذه النظرة الشمولية ، فمن الواجب أن تكون نظرة المسلمين إلى هذه المطالب على ضوء الشريعة الإسلامية.
(وتقليم الأظفار) في شريعة الإسلام تتمشى مع نظرة الإسلام الشمولية للزينة والجمال ولهذا نجد (سنة تقليم الأظفار) جاءت في كتب الحديث في مواضع عدة : في الزينة ، والطهارة واللباس والأدب، وخصال الفطرة.
ونبين أوجه الزينة والجمال في تقليم الأظفار بالنظرة الإسلامية الشمولية فيما يلي :
ا- خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان في أحسن تقويم، وجعل له في شكل جمالي أصابع يستعملها في أغراض شتى ، ويحافظ. على نهايتها غلاف قرني هو (الظفر) وبهذا التكوين الخلقي الجمالي يتحدد الغرض صت (الظفر) وهو حماية رأس الإصبع ويتحدد حجم الظفر بألا يزيد عن رأس الإصبع ليكون على قدر الغرض الذي من أجله وجد ولكي يتحقق التناسق، بين الإصبع والظفر من واقع المصلحة.
2- جاء (تقليم الأظفار) ضمن سنن الفطرة ، وبهذا تتحدد الزينة والشكل الجمالي للأظفار. وجاءت كلمة (التقليم) تعبيرا عن قص الأظفار وبذلك ظهرت الحكمة الجمالية ، وهي إزالة الزائد من الظفر ليظل محافظا على حيويته وسلامته ومؤديا لمهمته .
- التخلص من الأوساخ وعوامل تجمعها- كشعر العانة والزائد من الأظفار- من أركان الزينة والجمال ، وكل فعل جمالي لا يحقق ذلك فهو مردود على فاعله ، ونظرة الإسلام الشمولية للزينة والجمال تحرص على إزالة الأوساخ وعوامل تجمعها بالجسم ، وبهذه النظرة الشمولية فإن (تقليم الأظفار) يحقق إزالة الأجزاء الزائدة منها فلا توجد جيوب بين الأنامل والأظفار قد تتجمع فيها الأوساخ. وبهذا العمل الجمالي (بتقليم الأظفار) تتحقق أغراض ثلاثة : التخلص من الجزء الزائد من الظفر، استبعاد وجود جيوب بين الأنامل والأظفار قد تكون مكمنا للأوساخ ، في دولة تنظيف رأس الإصبع وإزالة ما قد يوجد من أوساخ. ولا يخفى أن النظافة ترتبط ارتباطا وثيقا بالزينة في شريعة الإسلام ، بل إن النظافة شعبة من شعب الإيمان .
4- من شروط الزينة والجمال في شريعة الإسلام ستر العورات لدى الرجال والنساء كل بقدرها الشرعي، فلا تتزين المرأة بملابس تكشف عن عوراتها أو تقف عما تحتها أو تبرز مكوناتها، والرجل مأمور بذلك أيضا في حدود عوراته .
كل أن زينة المرأة حتى ما خفي منها كأصوات الخلاخيل ، ورائحة العطور يجب أن لا تبديها لغير محارمها، وسنة تقليم الأظفار تحقق هذه النظرة الجمالية ، فهي تصرف المسلمات عن تقليد غير المسلمات في إطالة الأظفار، وتزيينها وتلوينها بالأصباغ مما يجعل منها زينة تظهر بها المرأة أمام غير المحارم لتعذر إخفائها حيث إنها توجد في أطراف اليد التي غالبا ما تكون عارية غير محجوبة.
5- الاعتدال في الزينة وعدم الإسراف والتهافت على وسائل التجميل أمر ضروري في شريعة الإسلام (وتقليم الأظافر) يضع الإنسان أمام أسلوب للزينة والجمال لا يحتاج إلى نفقات أو تكاليف ولا يتطلب جهدا وعكس ذلك إطالة الأظفار، والتأنق في تجميلها وما يحتاجه ذلك من مال وجهد .
6- لقد كرم الله الإنسان وجمله وجعل بينه وبين الحيوان فوارق كثيرة وكل فعل أو تشبه بالحيوان مرفوض في شريعة الإسلام ، والجمال في الإسلام يرتبط بالالتزام بسنن الفطرة، وإطالة الأظفار فيه تشبه بالحيوان، وفيه تعارض مع سنة تقليم الأظفار، لهذا فإن الأظفار الطويلة، مرفوضة بمقاييس الجمال والزينة في الإسلام.
منقول الموضوع طويل جدا ارجو ان تستفيدوا منه وان لا تملوا في قراءته